التنميه فى البلاد الناميه

البلد النامي هو ذلك البلد الذي تحقق فيه أغلبية السكان مستوىً أقل بكثير من الدخل، ولا تحصل ـ في أغلب الأحيان ـ على الخدمات الأساسية، كما أن مؤشراته الاجتماعية يشوبها الضعف الشديد، وذلك مقارنة مع السكان الموجودين في البلدان المرتفعة الدخل. علماً بأن ثمة خمسة بلايين نسمة من بين سكان العالم البالغ عددهم ستة بلايين يعيشون في بلدان نامية حيث يقل الدخل في العادة كثيراً عن دولارين في اليوم للشخص الواحد. ويصنف البنك الدولي بلدان العالم النامية إلى بلدان فقيرة مثقلة بالديون (HIPC)، وبلدان متوسطة الدخل (MIC)، وبلدان منخفضة الدخل تقع تحت ضغوط (LICUS)، ودول صغيرة، وذلك لأغراض ما يتيحه من تمويل ومساعدات تخفيف لأعباء الديون وخدمات استشارية ومبادرات خاصة.

ولكل فئة من تلك الفئات أوضاع وخصائص ترتبط بدرجة كبيرة بكل بلد على حدة. وعليه، يمكن أن يكون البلد النامي أي بلد:

testومن المُقدر أن نحو ثلث السكان ـ الذين يعيشون في فقر مدقع في جميع أنحاء العالم ـ يعيشون في دول هشة في دائرة مُفرغة من الفقر والصراعات.

وقد قطعت بلدان نامية أخرى، ممثلة في البلدان المتوسطة الدخل، خطواتٍ واسعةً في الدخول بنجاح في الاقتصاد العالمي، حيث تقوم حالياً بتهيئة فرص عمل مجزية، وإتاحة خدمات التعليم والرعاية الصحية على نحو أكثر إنصافاً، بالإضافة إلى الاستثمار في تحسين بنيتها الأساسية. إلا أن البلدان المتوسطة الدخل لا تزال تواجه تحديات كبيرة تتعلق بالتنمية، تتمثل في: تحقيق معدلات نمو مستدامة من شأنها خلق فرص عمل منتجة، وتخفيض أعداد الفقراء والقضاء على عدم المساواة، وخفض التقلبات، لاسيما فيما يتعلق بالقدرة على الحصول على الموارد من أسواق رأس المال الخاص، وتدعيم هياكل المؤسسات ونظم الإدارة العامة التي ترتكز عليها الاقتصادات القابلة للاستمرار المستندة إلى قوى السوق.

يؤسس البنك الدولي ما يتيحه من مساعدات إلى البلدان النامية، أولاً، على الالتزام بتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة. حيث تقدم لنا هذه الأهداف مقاصد ومعايير لقياس النتائج: القضاء على الفقر المدقع والجوع، وتوفير التعليم الابتدائي للجميع؛ وتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة من أسباب القوة، وخفض معدلات وفيات الأطفال، وتحسين صحة الأمهات، ومكافحة فيروس ومرض الإيدز والملاريا والأمراض الأخرى، وضمان الاستدامة البيئية، وإقامة شراكة عالمية من أجل التنمية.

وفي إطار جعل هذه الأهداف في صدارة ما يقوم به، اعتمد البنك الدولي نهجاً شاملاً لتخفيض أعداد الفقراء وتحقيق التنمية، يشمل عدة مفاهيم أساسية يرى البنك فعاليتها في تقديم المعونات إلى البلدان النامية، وهي:

تشجيع البلد المتلقي للمعونات على تملك عملية الإصلاح والالتزام بها

وإدراكاً منه بأهمية ذلك، فإن إستراتيجية التنمية التي يعتمدها البنك الدولي تقوم على ركيزتين. أولاً، تهيئة مناخ استثمار جيد بغرض تشجيع روح مشروعات العمل الحر، مما يؤدي بدوره إلى خلق فرص عمل جديدة، وزيادة عدد الفرص المتاحة للفقراء. وثانياً، العمل على زيادة الفرص المتاحة للفقراء للمشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر في حياتهم وحياة أسرهم. ولحقوق الإنسان والحقوق القانونية اللتان توفران الحماية لسبل كسب العيش لدى الفقراء ولممتلكاتهم أهمية بالغة في هذه العملية، ذلك حيث إنهما يُمكنان الفقراء من أن يستثمروا في مستقبلهم وأن يكونوا جزءاً أساسياً من المجتمع الذي يعيشون فيه.

يقوم البنك الدولي بإشراك البلدان النامية المنخفضة الدخل في عملية إعداد إستراتيجيات تخفيض أعداد الفقراء (PRS) بهدف تشجيعها على لعب دور ريادي في تلك العملية. وينطوي ذلك على إجراء مشاورات واسعة النطاق وبناء توافق في الآراء بشأن كيفية تعزيز عملية التنمية. ويقوم البلد المعني، في إطار هذه العملية، بإعداد إستراتيجية وطنية لتخفيض أعداد الفقراء، حيث تتيح إطاراً للجهات المانحة حتى تستخدمه في تحسين طرق تنسيق ومواءمة برامجها على أساس الأولويات الوطنية. وتتشاور الحكومة مع قطاع مُستعرض واسع النطاق من الفئات المحلية، وتقرن ذلك بإجراء تحليل مكثف لأوضاع الفقر على مستوى المجتمع، وأثره على الحالة الاقتصادية. وتحدد الحكومة أولوياتها من خلال هذه العملية، وتقوم بوضع أهداف لها لتقليص الفقر على مدى فترة زمنية تمتد من ثلاثة إلى خمسة أعوام. ويرد ذلك في وثيقة إستراتيجية تخفيض أعداد الفقراء (PRSP)، التي تصف سياسات البلد المعني على صعيد الاقتصاد الكلي والسياسات الهيكلية والاجتماعية، والبرامج التي تستهدف تحقيق النمو وتخفيض أعداد الفقراء، وما يقتضيه ذلك من احتياجات تمويلية خارجية. ويتم إعداد وثائق تخفيض أعداد الفقراء عن طريق عملية تنطوي على المشاركة تضم المجتمع المدني والجهات الشريكة في عملية التنمية، بما في ذلك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. ويقوم البنك الدولي وغيره من وكالات المعونة، حينئذ، بمواءمة جهود المساعدة التي يتيحونها مع الإستراتيجية الخاصة بالبلد المعني، وهي طريقة أثبتت نجاحها في تحسين الفاعلية الإنمائية.

ثم يقوم بوضع خطته المعنية بتقديم المساعدة، ويُطلق عليها اسم إستراتيجية المساعدة القُطرية (CAS). وتأخذ إستراتيجية المساعدة القُطرية، كنقطة بداية، رؤية البلد المعني لعملية التنمية الخاصة به على النحو المبين في وثيقة إستراتيجية تخفيض أعداد الفقراء أو أي إجراء آخر يضطلع به هذا البلد. وحيث إنها موجّهة نحو تحقيق النتائج على أرض الواقع، فإنه يجري إعدادها بالتشاور مع سلطات البلد المعني، ومنظمات المجتمع المدني، والشركاء في التنمية، وأصحاب المصلحة الآخرين. ويتمثل الهدف من إستراتيجية المساعدة القُطرية في وضع برنامج انتقائي من المساندة، على أن يتم ربطه بإستراتيجية التنمية الخاصة بالبلد المعني، مستنداً في ذلك إلى الميزة النسبية التي يتمتع بها البنك الدولي، وذلك في سياق الأنشطة التي تقوم بها الجهات المانحة الأخرى. وتهدف تلك الإستراتيجية إلى تشجيع التعاون والتنسيق فيما بين الجهات الشريكة في عملية التنمية التي تعمل في بلد ما.

وتشمل إستراتيجية المساعدة القُطرية إجراء تشخيص شامل ـ يستند إلى العمل التحليلي للبنك والحكومة المعنية و/أو الجهات الشريكة الأخرى، بشأن التحديات الإنمائية التي تواجه ذلك البلد، بما في ذلك معدلات انتشار الفقر واتجاهاته ومسبباته. كما تحدد المجالات الأساسية التي يمكن لمساعدات البنك الدولي أن تحقق فيها أكبر الأثر في تخفيض أعداد الفقراء. وفي هذا التشخيص، تراعي إستراتيجية المساعدة القُطرية أداء حافظة مشروعات البنك في هذا البلد، ودرجة جدارته الائتمانية، وحالة تطور الأطر المؤسسية، وقدرات التنفيذ، ونظام الإدارة العامة، وغير ذلك من القضايا القطاعية والمشتركة. وانطلاقاً من هذا التقييم، يتم تحديد مستوى وتركيبة المساندة المالية والاستشارية و/أو الفنية التي يتيحها البنك الدولي لهذا البلد.

لاحظ البنك ـ من خلال عقود طويلة من الخبرة ـ وجود عدة عوامل مشتركة ترتبط بتحقيق تقدم في مجال التنمية بوجه عام، وهي:

حُسن نظام الإدارة العامة: حيث تعمل أية دولة نشطة وتتمتع بحسن نظام الإدارة العامة في القطاعين العام والخاص على تعزيز بيئة يتم فيها تنفيذ العقود، وتعمل بها آلية السوق. كما تكفل قيام مرافق البنية الأساسية الرئيسية بأداء وظائفها على النحو المطلوب، وكفاية خدمات الرعاية الصحية والتعليم، ووجود إجراءات من شأنها توفير الحماية الاجتماعية، فضلاً عن قدرة أفراد الشعب على المشاركة في عملية اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهم
• الملكية والالتزام: ينبغي على البلدان أن تمتلك أجندة التنمية الخاصة بها. ويساعد ذلك على ضمان توافر مساندة واسعة النطاق لبرامج التنمية في البلد المعني.

تُعرّف الأمم المتحدة التنمية المستدامة على أنها "التنمية التي تفي باحتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المُقبلة على الوفاء باحتياجاتها". وتتمثل بعض العوامل المهمة، التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار عند مناقشة التنمية المستدامة، في الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية والطاقة، والتلوث، وتغيّر المناخ. وتعني الاستدامة، في مفردات التنمية، النمو المسؤول ـ أي ذلك النمو الذي يتحقق عندما يتم توفيق الاهتمامات الاجتماعية والبيئية مع الاحتياجات الاقتصادية للناس. للاطلاع على المزيد من المعلومات بشأن البنك الدولي وهذا الموضوع، يرجى زيارة صفحة التنمية المستدامة على موقع البنك الدولي على شبكة الإنترنت.

تشير الشواهد إلى أن زيادة الفرص المتاحة للفتيات والنساء لا تؤدي إلى تحسين وضعهن في المجتمع فحسب وإنما أيضاً يكون لها تأثير مهمّ على الفعالية الإنمائية بشكل عام. وتشير الشواهد إلى أنه عندما تكون هناك مساواة نسبية بين الرجل والمرأة، فإن نمو الاقتصادات يتحقق على نحو أسرع، ويتسنى للفقراء الخلاص بسرعة أكبر من براثن الفقر، وتعزيز رفاهية الرجال والنساء والأطفال. وتبيّن الدراسات أيضاً أن من شأن تعليم الأمهات تحسين صحة أطفالهن، وتخفيض معدلات الخصوبة. وتظهر الدراسات أيضاً أنه عندما يكون لدى المرأة قدر أكبر من التحكم في دخل أسرتها أو أصولها الإنتاجية، فإن الوضع الكلي للأسرة يشهد تحسناً:

وفي أفريقيا جنوب الصحراء، نجد أن نسبة كبيرة من النساء تعمل في قطاع الزراعة. وإذا ما استطاعت المرأة المشاركة في قطاع الزراعة على قدم المساواة مع الرجل، فمن الممكن أن يرتفع الإنتاج الزراعي الكلي بما نسبته 20 في المائة.