كتاب ابيض: طريق التنمية السلمية فى الصين-4

عضو فعال تاريخ التسجيل : 18/09/2008

تحل الصين المنازعات التجارية وغيرها من المشاكل بصورة مناسبة لدفع التنمية المشتركة مع مختلف الدول, متمسكة بمبدأ المنفعة المتبادلة والازدهار المشترك. انه لأمر طبيعى فى التبادلات الاقتصادية الدولية ان يحدث احتكاك تجارى بين دولة وأخرى. والتزاما بالأعراف الدولية وأحكام منظمة التجارة العالمية, تثابر الصين على معالجة مشاكل الاحتكاكات التجارية باللجوء الى آلية فض النزاعات لمنظمة التجارة العالمية على أساس الحوار المتساوى, كما تأخذ بعين الاعتبار العوامل والتأثيرات الدولية وتهتم بالتعرف على الفوائد الاقتصادية التى تأتى بها التنمية الاقتصادية الصينية الى العالم الخارجى عند وضع وتطبيق سياساتها الاقتصادية الداخلية. ووفقا لمتطلبات اصلاحها وتنميتها الذاتية, تفكر الصين بجدية فى التأثيرات المالية لاصلاح سعر الصرف الصينى على الدول والمناطق المجاورة والاقتصاد العالمى, وتدفع اصلاح آلية سعر الصرف على نحو سليم, فتطبق نظاما لتعويم سعر الصرف يتخذ العرض والطلب فى السوق أساسا ويمكن تعديله بمراجعة جملة العملات ويخضع للادارة, مما يجعل سعر صرف الرنمينبى يحافظ على استقراره الأساسى عند مستوى معقول ومتوازن. والصين تعزز بلا انقطاع حماية حقوق الملكية الفكرية واكمال النظام القانونى لحماية حقوق الملكية الفكرية وتنفيذ القانون بجدية وتسديد الضربات الشديدة الى مختلف الاعمال المخالفة للقانون.

ان الصين التى تشهد تطورا متواصلا تشارك بنشاط فى التعاون الاقتصادى والتكنولوجى الدولى, مما جلب فرصا سانحة وسوقا ضخما لشتى الدول فى العالم. وقد كسبت مختلف الدول وعلى الخصوص الدول المتطورة فوائد وفيرة من الصين بواسطة الاستثمارات وتجارة الخدمات.

تشارك الصين بنشاط فى تقسيم العمل الدولى والتعاون فيه, بما يصلح لتوزيع موارد العالم بأسره بصورة معقولة وفعالة. فان الصين أكبر دولة نامية فى العالم, وموارد قواها العاملة المتوفرة والتى ترتفع نوعيتها باستمرار هى تفوقها الطبيعى لتطوير الصناعات الكثيفة العمل وبعض الصناعات الكثيفة التكنولوجيا. وتمشيا مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع مستوى معيشة الشعب فى الصين, يزداد باستمرار طلب الصين على المنتجات الكثيفة الرساميل والتكنولوجيا والمعرفة, مما يتيح فرصا كثيرة لدخول المنتجات والتقنيات والخدمات الأجنبية الى سوق الصين, فقد صارت الصين من الأسواق الكبرى المعترف بها عالميا. وتتصف التجارة الخارجية الصينية بإكمال متبادل قوى مع كثير من الدول فى العالم. فان 70% من الصادرات الصينية الى الولايات المتحدة واليابان والاتحاد الأوربى هى منتجات كثيفة الأيدى العاملة, ولكن أكثر من 80% من وارداتها من الولايات المتحدة والاتحاد الأوربى واليابان هى منتجات كثيفة الرساميل والتكنولوجيا والمعرفة. لقد صارت الصين حلقة مهمة من السلسلة الصناعية العالمية لا غنى عنها فى المنظومة الجديدة لتقسيم العمل الدولى.

والى جانب سد متطلبات أسواق الدول المستوردة فان المنتجات الصينية الممتازة الجودة والرخيصة الثمن خفضت مصروفات هذه الدول وضغط تضخمها المالى, وزادت رفاهية مستهلكى مختلف الدول. وتتحلى المنتجات الصينية الكثيفة الأيدى العاملة بتفوقها النسبى فى العالم. فمنذ عام 1997, وتمشيا مع دخول السلع الصينية الى أسواق الولايات المتحدة, استطاع المستهلكون الامريكيون توفير المدفوعات بمقدار عشرات المليارات من الدولارات الأمريكية على الأقل سنويا. وفى السنوات العشر الماضية, فان المنتجات الصينية قد جعلت المستهلكين الامريكيين يوفرون أكثر من 600 مليار دولار أمريكى, منها نحو 100 مليار دولار أمريكى تم توفيرها فى عام 2004.

جاء التوسيع المستمر للعلاقات الاقتصادية والتجارية الخارجية الصينية القائمة على أساس المنفعة المتبادلة والأفضلية المتبادلة بمصالح فعلية كبرى للجانبين الصينى والاجنبى. فمنذ عام 1978, ازداد حجم الواردات الصينية بمعدل أكثر من 16% سنويا. واستوردت الصين فى السنوات الثلاث للفترة الانتقالية لانضمامها الى منظمة التجارة العالمية سلعا قيمتها حوالى 1.27 تريليون دولار أمريكى. وفى عام 2004, أصبحت الصين ثالث أكبر مستورد فى العالم بعد الولايات المتحدة وألمانيا; وبلغ حجم زيادة وارداتها الى 148.47 مليار دولار أمريكى مشكلا 9% من حجم زيادة الواردات فى العالم أجمع. وفى نفس العام, وصل حجم التجارة الصينية مع كل من الولايات المتحدة واليابان والاتحاد الأوربى الى 169.6 مليار دولار أمريكى و167.8 مليار دولار أمريكى و177.3 مليار دولار أمريكى على التوالى. لقد صار الاتحاد الأوربى والولايات المتحدة واليابان اكبر ثلاثة شركاء تجاريين للصين ومصادر رئيسية للاموال الأجنبية المتدفقة الى الصين. وفى ذلك العام, بلغ مجمل حجم التجارة الصينية مع دول آسيا ومناطقها 664.9 مليار دولار أمريكى, بزيادة 34.2% على أساس سنوى, ويحتل 57.6% من مجمل حجم التجارة الخارجية الصينية. فقد صارت الصين رابع اكبر شركاء تجاريين رئيسيين وسوقا أسرع نموا لدول الآسيان.

قدمت سوق الصين الضخمة فرصا استثمارية للرساميل الدولية وجعلت المستثمرين من مختلف الدول يشاركون فى المنافع الناتجة عن التنمية الاقتصادية الصينية السريعة. ففى فترة 1990 ـ 2004, أرسل المستثمرون الاجانب 250.6 مليار دولار امريكى من أرباحهم من الصين. وفى عام 2004, حققت المؤسسات الامريكية التمويل فى الصين حوالى 75 مليار دولار أمريكى من مبيعاتها فى سوق الصين وبلغ حجم صادراتها من المنتجات المصنعة فى الصين الى أسواق اخرى حوالى 75 مليا ر دولار امريكى. وأظهرت الدراسة التى أجراها المجلس التجارى الصينى ـ الامريكى عام 2005 ان نحو 70 بالمائة من الشركات الامريكية فى الصين رابحة, ونحو 42 بالمائة منها تجاوزت أرباحها المحققة فى الصين معدل أرباحها فى العالم.

وجلب التوسيع المطرد لنطاق الاستثمارات الخارجية الصينية فرصا للدول المستفيدة فى تنميتها الاقتصادية والاجتماعية. فحتى نهاية عام 2004, وصل صافى الاستثمارات الخارجية المباشرة الصينية فى القطاعات غير المصرفية الى 44.8 ملي ار دولار امريكى تتوزع فى 149 دولة ومنطقة, ومنها 33.4 مليار دولار امريكى أى 75 بالمائة تم توظيفها فى دول آسيا ومناطقها.

يتحلى التعاون الاقتصادى والتجارى والفنى الخارجى الصينى بطاقة كامنة ضخمة ومستقبل رائع. ومنذ انضمامها الى منظمة التجارة العالمية أى فى الفترة بين ديسمبر 2001 وسبتمبر 2005, استوردت الصين ما معدله نحو 500 مليار دولار امريكى من البضائع سنويا, فخلقت بذلك حوالى 10 ملايين فرصة عمل للدول والمناطق المعنية. وفى السنوات القليلة المقبلة, سيتجاوز حجم الواردات الصينية 600 مليار دولار امريكى سنويا, وسيفوق تريليون دولار امريكى فى عام 2010. وبحلول عام 2020, سيتضاعف كل من حجم أسواق الصين وطلبها الاجمالى أربع مرات عن عام 2000. وفى هذه العملية , يمكن لشتى دول العالم أن تجد من خلال التعاون المتبادل المنفعة مع الصين فرصا لتنميتها الخاصة وفرصا تجارية كبيرة, مما سيؤدى دورا ايجابيا هاما لحفز نمو الاقتصاد العالمى.

خامسا ـ بناء عالم منسجم دائم السلام ومشترك الازدهار

لم يكن للبشرية سوى دار واحدة هى الكرة الارضية. فان بناء عالم منسجم دائم السلام ومشترك الازدهار هو رغبة مشتركة لشعوب مختلف دول العالم وهدف سام للصين فى سلوك طريق التنمية السلمية.

وترى الصين ان العالم المنسجم يجب ان يكون عالما ديمقراطيا ووئاميا وعادلا ورحب الصدر .

ـ التمسك بالديمقراطية والمساواة وتحقيق التناسق والتعاون. يجب على مختلف الدول ان تحفز الديمقراطية فى العلاقات الدولية عبر الحوار والتبادل والتعاون على أساس (( ميثاق الامم المتحدة )) والمبادىء الخمسة للتعايش السلمى. ان الشئون الداخلية لمختلف البلدان يجب ان تقررها شعوب هذه الدول بأنفسها, والأمور فى العالم يجب ان تعالجها مختلف الدول من خلال المشاورات على أساس المساواة , وينبغى ان تتمتع الدول النامية بالحقوق المتكافئة للمشاركة واتخاذ القرارات فى الشؤون الدولية. ويجب ان تحترم كافة الدول بعضها بعضا وتعامل بعضها بعضا معاملة متساوية, وينبغى ألا تفرض كل منها ارادتها الذاتية على الآخرين, ولا تضع أمنها وتنميتها الذاتية على اساس التضحية بمصالح الدول الاخرى. وعلى المجتمع الدولى ان يعارض الانفرادية ويشجع ويدفع التعددية ويظهر تماما الدور الايجابى للامم المتحدة ومجلس أمنها فى الشؤون الدولية. وعند معالجة العلاقات الدولية يجب التمسك ببذل الجهود لتوسيع نقاط التقاء المصالح وتعزيز التفاهم من خلال الاتصالات وتقوية التعاون من خلال التفاهم لاجل تحقيق الازدهار المشترك أثناء التعاون انطلاقا من المصالح المشتركة لشعوب مختلف الدول. / يتبع /

mando